Thursday, August 16, 2007

الطَّبري وأسلوبه في التاريخ



الطَّبري وأسلوبه في التاريخ
والمسعودي وأسلوبه في «مروج الذهب»
ووفاة عمر بن الخطّاب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إشراف: الإستاذ نبيل غالب عقلان


ـــــــــــــــــــــــ
المقدمة وأهداف البحث:
وُلِد أبو جعفر محمد بن جرير في عام ٨٣٨م في طبرستان (أي فارس) فَسُمِّي الطبري تُوُ فِّي سنة ٩٢٢م في بغداد. زار إبن جرير بإذن أبيه مراكز التعليم الإسلامي فيما بينها مدينة بغداد ومدينة راي بالإضافة إلى مراكز أُخرى في العراق ومصر وهكذا أصبح رجل التعليم. أستقرر في مدينة بغداد في عام ٨٧٧م وهو صاحب الفضل الأول في إجتذاب الطلاب من أماكن بعيدة إليها ولقد زهد في الدنيا ورفض عروض الثروة وفرصات السلطة وركز على دراستِهِ وتلاميذِهِ فقط. يُقال أن إبن جرير أسَّس مذهباً في الفقه سُمِّي مذهب الجريري ولكن في الحقيقة أفكاره قريبة من مذهب الشافعي. قَدَّم إبن جرير أفكاره بصراحة فخلق أعداءً له مثل مذهب الحنبلي الذي قال أن إبن جرير ليس فقيهاً وفي أواخر أيامه دافع عن نفسه ضد الأتهام بالزندقة.*1*
كتب كميات هائلة خلال حياته وكان إبن جرير نشيطاً في دراسته. يتكون «تاريخ الرسل والملوك» (إي تاريخ الطبري) من ١٣ مجلداً وهو تاريخ العالم منذ الخلق حتى ٩١٥م بالإضافة إلى ذلك تكون كتابه «جامع البيان عن تاويل القرآن» (أي تفسير الطبري) من ٣٠ مجلداً*2* وفوق هذا كله بدأ يكتبُ سير أصحاب النبي ولكنه لم يكملها وتُعدُّ كل مؤلفاته مصدراً من مصادر التاريخ الإسلامي.
أريد أولاً في هذا البحث أن أتساءل ما هو أسلوب إبن جرير في تاريخه في جزء صغير من تاريخ الرسل والملوك وسوف أحقق النظر في وصفه لوفاة عمر بن الخطّاب. أخترت هذا الجزء من تاريخ الطبري لانَّ وفاة الخليفة مُهمِّة في تاريخ الإسلام وهو على جانب كبير من الأهمية في قضية التعاقب بعد النبي محمد ويوجد حوار بين المذاهب وبين الطوائف حول وقيعتها.
بعد أن اعتبرنا أسلوب إبن جرير في جزء صغير من كتابه أريد ثانياً أن أُقارن بين أسلوب الطبري وأسلوب المؤرخ الآخر الذي كتب خلال الفترة نفسها عن الموضوع نفسه ولذلك سننظر في ذكر الخليفة عمر بن الخطّاب في كتاب المسعودي «مروج الذهب ومعادن الجوهر» والمسعودي أيضاً مؤرخ مشهور كالطبري وكتابه أيضاً مصدر معروف. سنتسائل بأي شكل يختلفان وبأي شكل يتوافقان في أسلوبهِما؟
أخيراً أُريد أن أستخلص النتائج عن خلق التاريخ الإسلامي في العصور الوسطى. هل يوجد عقل الشاعر أو دوافع الرجل السياسي داخل عقل إبن حرير؟ كيف نفسر تاريخ الطبري وما هو أحسن طريق إذا أردنا أن نشرح أسلوبه؟
ـــــــــــــــــــــــ
ذكر الخبر عن مقتل عمر بن الخطّاب (الفاروق) في تاريخ الطبري:
إبن جرير ما كان موجوداً خلال فترة القتل ولذلك يجتهد في بداية الأُمور أن يحصل على الثقات فيحكي إسناد الخبر الطويل على أسلوب الحديث الشريف:
حدثنى سلمة بن جنادة قال نبآ سليمان بن عبد العزيز إبن أبي ثابت بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمان إبن عوف قال نبآ أبي عن عبد اللة بن جعفر عن أبيه عن المسور بن مخرمة وكانت امّه عاتكة بنت عوف*3*...
من هذا النص نعرف أن الخبر جاء من المسور بن مخرمة ويوجد ٦ سلسلات حتى نصل إلى قلم إبن جرير ولكن يذكر ١٧ هم أسماء الذين يساعدونا في قراءتنا وفي تقييم الصحة للخبر. ومن الأشخاص وراء الأسماء التي ذكرها؟ هل هم أشخاص جديرون بالثقه ولهم أخلاق أو هل هم من الكاذبين؟ إذا صدقنا الأسماء التي ذكرها فسنصدق الخبر. وإذا وجدناهم من أسماء الأشخاص الغير الموثوقين فلن نصدق الخبر مائة في المائة. وكما ذكرت سابقاً أن إبن جرير يستخدم الإسناد مثل الخبر من الحديث الشريف للنبي. وبدون السلسلات ليس لنا دليل هل إذا كان الخبر صحيحاً أم غير صحيح.
بعد ذلك يبدأ يروي إبن جرير قصة صغيرة هي عندما مشى عمر بن الخطّاب يوماً من الأيام إلى السوق وأجتمع مع الغلام النصراني الذي كان يعمل نجاراً ونقاشاً وحداداً في خدمة المغيرة بن شعبة*4* ولقبه أبو لؤلؤة. فنقرأ حواراً بينهما: كان الغلام يشكو للخليفة أنه يدفع درهمان في كل يوم إلى المغيرة بن شعبة ضريبةً وطلب من عمر الشفاعة. لم يوافق عمر بن الخطّاب بأن هذه ضريبة مرتفعة وبالعكس فهي عدالة ولا يستطيع أن يشفع له لكن الغلام تذمر وقبل أن يرجع عمر إلى منزلِهِ قال في نفسهِ «لقد توعدني العبد آنفاً» وينتهي هنا هذا الحوار الصغير.
عندنا أسئلة: هل غلامه سيكون القاتل للخليفة عمر بن الخطّاب؟ ولماذا يذكر إبن جرير دين الغلام؟ حتى الآن الإجابات غير واضحة. ولكن نتعلم أشياء أخرى من خلال هذا الحوار: قدم إبن جرير الصفحات الأساسية لشخصية عمر بن الخطّاب. أولاً، إنه متسامح لانّه يجتمع مع شخص نصراني غير مسلم. ثانياً، بغض النظر أنه أمير للمؤمنين، فهو متواضع لانّه لا يزال يتحدث مع الغلام بشكل كريم. أخيراً، إن عمر يهتم بالعدل*5* لانّه يعمل ضد الظلم ويجتهد في المساواة ويعمل ضد المظلومين والفساد. إذا ساعدَ شخص واحد وليس كل الشعب فـسيكون غير موضوعي. ربما هذا الاجتماع بين عمر والغلام لا يبدو مهماً تاريخياً ولكن من خلال هذه القصة نتعرف على شخصية عمر بن الخطّاب ونعرف شخصية أبو لؤلؤة الذي سيصبح مهماً في التاريخ الإسلامي بعد قليل.
من هنا ينتقل إبن جرير إلى الغد ويروى القصة التي تبدو مختلفة تماماً ويستمرُّ في كتابة تاريخه من خلال الحوار:
فلمّا كان من الغد جاءه كعب الاحبار فقال له يا امير المؤمنين اعهد فانّك ميّت في ثلاثة ايّام قال وما ويدريك قال وجدته في كتاب الله عز وجل التوراة قال عمر: اللّه انّك لتجد عمر ابن الخطّاب في التوراة قال اللهم لا ولكنّى اجد صفتك وحليتك وانّه قد فني اجلك قال وعمر لا يحسّ وجعاً ولا الماً....*6*
في القصة الأولى أجتماع عمر مع نصراني وفي القصة الثانية جاء إلى عمر أحد السلف من الإسرائيليات يسمي كعب الاحبار*7*. كعب يحذّر عمر من القتل: «اعهد فانّك ميّت في ثلاثة ايّام» وقال كعب إن الدليل على ذلك موجود في التوراة العبرية. يؤكد كعب أن التوراة «كتاب الله عزّ وجلّ» فقد توجد أخبار عن مقتلة عمر بن الخطّاب فيها. لم يتسائل عمر بن الخطّاب إذا كانت التوراة كتاب اللّه أم لا - بالعكس - بالنسبة لتاريخ إبن جرير كاد عمر أن يصدق التوراة كانّه كلام اللّه فسائل إذا كعب الاحبار وجد الأسم «عمر ابن الخطّاب» نفسه في التورة. أجاب كعب «اللهم لا ولكنّي اجد صفتك وحليتك». من الواضح أن هذا الدليل لا يكفي وفوق هذا عمر لا يحس المّاً فلا عجب أنَّ عمر لم ينتبه إلى تحذير كعب. فاليوم التالي جاء كعب الأحبار مرة ثانية ويحذّر عمر من الموت، وأيضاً اليوم التالي رجع كعب الأحبار مرة ثالثة ويحذّره من الخطر نفسه. كعب يحذّره لأجلِ أن يساعده ويساعد المسلمين في مسقتبلهم، ولذلك قال كعب الأحبار «يا امير المؤمنين اعهد» أي من اللازم أن يختار خليفة جديد. اليوم التالي جاء عمر إلى صالة ومفاجئة ضُرِبَ عمر ٦ ضربات و«إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته»*8* وكاد أن يموت.
الحوار بين عمر وكعب الأحبار مهم جدّاً لاسيّما وإن كان تحذير كعب صحيحاً:

ودخل في الناس كعب فلمّا نظر اليه عمر انشأ يقول
فأوعدني كعب ثلاثا أعدها لا شك أن القول ما قال لي كعب
وما بي حذار الموت اني لميت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب*9*

الحوار يكشف رأي إبن جرير عن العلاقات بين المسلمين واليهود خلال عصر عمر بن الخطّاب. بالنسبة لإبن جرير كان عمر يحظى باحترام اليهود وكان العلماء اليهود يساعدون نشاط الخلافة الإسلامية. من الصحيح أن عمر لم ينتبه إلى تحذير كعب ولكن إبن جرير لم يلم عمر من ذلك - فقط هذه قصة تؤكد أن قصة عمر وقتله مكتوبة داخل الكتاب المقدس.
بعد قصة القتل، يعود إبن جرير مباشرةً في تاريخه إلى قضيتين: قضية التعاقب وقضية الذنب القتل. أهمهما قضية التعاقب، ويكتب إبن جرير حوار طويل عن هذا الموضوع*10*. المشكلة هي إذا عمر يستخلف فيعمل صالحاً كما عمل الخليفة أبي بكر ولكن إذا عمر لم يستخلف فيعمل صالحاً كما عمل النبي. ذكر إبن جرير أن عائشة كانت خائفة من حدوث فوضى إذا عمر لم يستخلف فقرر عمر أن يجمع لجنة*11* الصالحين الذين سينتخبون الخليفة بعده ويصف أحكام الإنتخابات بشكل دقيق.
أما قضية الذنب، نريد أن نعرف من قتل عمر ولماذا؟ في التاريخ الإسلامي يوجد اغتيالات كثيرة بسبب السياسة والدين ولكن في نهاية الأمر ما كان السبب سياسي وما كان السبب ديني وأيضاً ما كان سبب حب السلطة. بالعكس كان السبب بسيط جداً:
ذكر إبن جرير أن القاتل هو أبو لؤلؤة الغلام وكان غاضباً مع عمر لانّه رفض الشفاعه بينه وبين المغيرة بن شعبة بسبب درهمين!!
بعد أن حكى الطبري قصة القتل يذكر آراء كثيرة عن قضية عمر عندما مات. بعد ذلك يذكر نسبه ويتبع مع صفاته وثم مولده وولده وآخر أعماله خلال حياته. فبدأ مع قصة قتله كانّها أهم قضية في تاريخه. ألآن سننتقل إلى رواية المسعودي عن نفس الموضوع.
ـــــــــــــــــــــــ
مقارنة بين المسعودي والطبري:
وُلِد أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في بغداد في العراق حوالي عام ٨٩٥ وكان مؤرخ ومستكشف وهو العربي الأول الذي كتب التاريخ العالمي كانّه علم وأشتهر في كتابه «مروج الذهب ومعادن الجوهر» نُشِر في عام ٩٤٠. أحب التعليم وهو صغير. سافر لإجلِ الدراسة إلى كثير من البلدان وركز على كثيرٍ من المواضيع لا سيما التاريخ والجغرافيا وعلم الدين المقارنة. رحل إلى سوريا وفارس والهند وسيرلانك وعمان وشرق أفريقيا. كتب أكثر من ٢٠ كتاباً ولكن فقدنا معظمهم وبقى قليل منهم في الوقت الحاضر. كان مؤلف كتاب «أخبار الزمان» وكان عنده ٣٠ مجلداً ولكنها بدون جدوى بسبب طوله فكتب «مروج الذهب» وهو أقصر من «أخبار الزمان» ولكنه مفيد جداً. قال إبن خلدون إن «لقب المسعودي هو إمام المؤرخين».
في «مروج الذهب» ١٣٢ فصلاً وجزأه الأول يدور حول تاريخ العالم (كيف خُلِقت الدنيا) والتاريخ اليهودي وتاريخ العالم الخارجي (أي الرومان واليونان والصين). في رأيه أنَّ المساهمة الكبرى اليونانية هي الفلسفة. وجزءه الثاني في تاريخ الإسلام منذ وقت النبي حتى عصر الخلفاء خلال عصر المسعودي.
المقارنة بين المسعودي والطبري عن مضوع قتل عمر بن الخطّاب ستكون مفيدة كثيراً لانّهما مؤرخين مشهورين وقد كتبا في الوقت نفسه والإثنين كانا يدرسان الفقه والإثنين كانا يعيشان في بغداد في الوقت نفسه. كان الطبري سُنَّى وكان المسعودي شيعي وربما هذا الفرق الديني هو السبب في إذا كان عندهما آراء مختلفة في تاريخهِما وأسلوبهِما.
في كتاب «مروج الذهب» يبدأ المسعودي مع موجز حياة عمر بن الخطّاب. حينما أن إبن جرير يذكر التواريخ في (أي سنة مات ... إلخ) قدم آراء كثيرة*12* ولكن في موجز المسعودي يقدَّم تواريخ ولكنه لم يذكر آراء مختلفة*13*. ولكن بشكل عام كل الوقعات الموجودة في موجزه موجودة عند الطبري أيضاً. بعد ذلك يصف نسبه وثم صفاته وثم أعماله قبل أن يروي القصة عن مقتله. ألاحظ أن هذا ترتيب مختلف من النظام عند إبن جرير الذي بدأ القصة عن مقتله وبعد ذلك ذكر نسبه ثم صفاته وثم أعماله.
عندما يذكر أبو لؤلؤة لم يذكر الإسناد الطويل مثل الطبري*14*. ولكن من الأكيد أستخدما المصادر نفسها لانّ الحوار بين أبي لؤلؤة وعمر بن الخطّاب في «مروج الذهب» قريب إلى الحوار بينهما في تاريخ الطبري. أيضاً أبو لؤلؤة الغلام يشكو ويتذمر بسبب درهمين. ذكر إبن جرير أن دين أبو لؤلؤة الغلام نصراني، ولكن بالنسبة للمسعودي إن دين أبو لؤلؤة مجوسي. وفوق كل هذا بحث في «مروج الذهب» في نهاية الحوار أن الخليفة قال «العلج قد توعدني انفاً»*15*. يختلف الطبري والمسعودي في عدد الضربات - قال الطبري «٦ ضربات» وقال المسعودي «٣ طعنات» - ولكن يتفقان أنَّ «إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته»*16* وقد أستخدما الكلام نفسه تماماً!! من هذا نعرف أنَّ المسعودي والطبري اشتركا في المصادر. ولكن في تاريخ الطبري قضية الذنب غير واضحة تماماً ولكن في «مروج الذهب» إن القاتل غلام المغيرة بن شعبة بدون شك. فينتقل المسعودي بسرعة إلى قضية التعاقب ومن سيستخلف في المستقبل. في تاريخ الطبري كانت عائشة هي التي حذّرت عمر من الفوضى في المسقتبل إذا ترك المسلمين بدون خليفة، ولكن المَسْعُودي لم يذكر عائشة في «مروج الذهب» وبدلاً من ذلك كان ولده عبد اللّه الذي يحذّره، وقال: «استخلف على أمة محمد؛ فإنه لو جاءك راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها للُمتُُهُ وقلت له:كيف تركت أمانتك ضائعة؟ فكيف يا أمير المؤمنين بأمة محمد؟ فاستخلف عليهم»*17*. ولكن عمر سجين المشكلة نفسها في تاريخ الطبري - «أستخلفه عليهم أبو بكر» ولكن لم يستخلف النبي محمد. المناقشة عن التعاقب بسيطة جداً وتنتهي هنا ولم يذكر تفاسير أكثر عن إنتخاب عثمان هنا*18*.
غابت عائشة ولكن غاب جزء مهم آخر - أين كعب الأحبار؟ أين التنبؤ عن مقتل عمر بن الخطّاب في التوراة؟ ربما ذكر المسعودي أسم كعب الأحبار في مكان آخر ولكن لم يذكر كعب الأحبار ابداً في هذا الفصل من «مروج الذهب». كما قلت سابقاً، شخصيِّة القاتل واضحة تماماً في «مروج الذهب» وينتقل المسعودي مباشرةً من قصة أبو لؤلؤة إلى قصة القتل. بالنسبة لمصادر أخرى كان كعب الأحبار مهم في التاريخ الإسلامي وكان وزيراً مُقرَّباً إلى الخليفة عمر بن الخطّاب. فلماذا المسعودي لم يذكر كعب الاحبار؟ أليس كعب جزءاً من القصة؟ هذا السؤال فعلاً لغز وسيكون بحاجة إلى بحث أطول من بحثي. ربما الطبري كان يبالغ في دور كعب الأحبار في قصة قتل عمر بن الخطّاب والسبب أنَّ المسعودي لم يذكره في كتابِهِ. بالإضافة إلى هذا، نستطيع أن نخمن ثلاث فرضيات أخرى:
أ) الفرضية الأولى: كان كعب الأحبار وزيراً للخليفة معاوية بن أبي سفيان وتأثر به كثيراً. كما نعرف، في تاريخ المذاهب الشيعية أنَّ الخليفة معاوية قتل لأمام عليّ، فيكرهون الخليفة معاوية ويكرهون الذي ساعده (ربما كعب الأحبار). كان المسعودي شيعي - ربما لهذا السبب لم يذكره؟
ب) الفرضية الثانية: لم يقرأ المصدر نفسه كالطبري الذي ذكر الحوار بين كعب وعمر.
ج) الفرضية الثالثة: ذكر المسعودي كعب الأحبار في كتابه «أخبار الزمان» ولكن عندما جعل هذا الكتاب قصيراً، ترك بعض المعلومات الغير أساسية.
لا أصدق الفرضية الأولى كثيراً لانّني أعتقد أنَّ المسعودي مضوعي وبشكل عام مذهبه لم يؤثر في تاريخه. ولا أصدق الفرضية الثانية لانّني أعتقد أنَّ كعباً مشهور ومعروف في التاريخ الإسلامي فليس من المحتمل أن المسعودي ما عرف كعب. الراجح هي الفرضية الثالثة فكتب المسعودي:
ولعمر بن الحطّاب رضي اللّه عنه أخبار كثيرة في أسفاره في الجاهلية إلى الشام والعراق مع كثير من ملوك العرب والعجم، وسير في الإسلام، وأخبار وسياسات حسان... قد أتينا على مبسوطها في كتابنا «أخبار الزمان»...*19*
ـــــــــــــــــــــــ
الخاتمة:
فما هو الأسلوب المفضل في كتابة التاريخ؟ بشكل عام، الأسلوب في تاريخ الطبري دقيق وعنده تفصيلات أكثر وإسناداً أكثر ولكن القراءة أصعب للطالب المبتدئ ولكن سيستفيد منه كثيراً الطالب المتقدم والمؤرخون المعاصرون. ومن جهةٍ أخرى الأسلوب في «مروج الذهب» في التاريخ الإسلامي بسيط وسهل للطالب المبتدئ ولكنه ليس دقيق فلن لن يستفيد منه الطالب المتقدم كتاريخ الطبري. في تاريخ الطبري عندنا وعي بالأخطاء والإختلاف بين المؤرخين وربما كان «أخبار الزمان» للمسعودي هكذا أيضاً - لن نعرف. ولكن بالنسبة لي، المؤرخ الأفضل يؤكد: أنه توجد أمور في التاريخ ليست أكيدة. ـــــــــــــــــــــــ
مصادر:
«مروج الذهب ومعادن الجوهر»، الحسن علي بن الحسين المسعودي - دار المعرفة، لبنان، بيروت، ٢٠٠٥.
Annals of Tabari, ed. by Michael Jan De Goeje. Leiden: E.J. Brill, 1902







*1*إنظر سيرة الطبري: Annals of Tabari , ed. by Michael Jan De Goeje. Leiden: E.J. Brill, 1902 pp. ix-x أي تاريخ الطربي
*2*في طبع (بريل) في (ليدن) في عام ١٩٠١.
*3*إنظر تاريخ الطربي ص ١.
*4*أصبح المغيرة بن شعبة حاكم في بصرة وكوفة على أيادي عمر بن الخطاب.
*5*لقبه الفاروق لانّه فَرَقَ بين الحق والباطل
*6*إنظر تاريخ الطربي ص ٢
*7*وهو من أصل حِمِيَرِ، ووُلِد يهودي وحتى بعد أن أسلم كان يشترك في دين اليهود. أنظر Jewish Encyclopedia عن كعب الاحبار لـ Richard Gottheil وHartwig Hirschfeld
*8*إنظر تاريخ الطربي ص ٢
*9*إنظر تاريخ الطربي ص ٥
*10*إنظر تاريخ الطربي ص ٣ - ٤
*11*وهم علي أبن أبي طالب وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة وزبير وسعد
*12*كتب صفحتين عن رقم سنة عندما مات أبو لؤلؤ، أنظر تاريخ الطربي ص ٦ و٧
*13*ربما ذكر المسعودي أراء مختلفة في كتابه «أخبار الزمان». لن نعرف لانّنا فقدنا هذا المجلد منذ ميأات سنة
*14*مرة ثانية، ربما ذكر المسعودي الإسناد في كتابه «أخبار الزمان».
*15*أنظر «مروج الذهب» ص ٢٨٥
*16*أنظر «مروج الذهب» ص ٢٨٥ و تاريخ الطبري ص٢
*17*أنظر «مروج الذهب» ص ٢٨٥
*18*مرة ثالثة، ربما ذكر المسعودي إنتخاب عثمان في كتابه «أخبار الزمان» أو في مكان أخر.
*19*أنظر «مروج الذهب» ص ٢٩٤

No comments: